الحرية.. والشعور بالحرية
أكيد هو.. شاسع هو.. مدهش
هو الفارق بين "الحرّيّة" و..... "الشعور بالحرّيّة"!
هو الفارق بين "الحرّيّة" و..... "الشعور بالحرّيّة"!
واسمحوا لي أن أبدأ بهذا
القول لأحد مفكري الغرب:
القول لأحد مفكري الغرب:
"إنّ الشعور بالظلم ـ
وليس الظلم نفسه ـ هو ما يحرّك ثورات الشعوب".
وليس الظلم نفسه ـ هو ما يحرّك ثورات الشعوب".
أعتقد أنّنا لو تتبعنا
تاريخ البشريّة، لاكتشفنا بوضوح مدى مصداقيّة هذه الجملة..
تاريخ البشريّة، لاكتشفنا بوضوح مدى مصداقيّة هذه الجملة..
فكلّ شعوب العالم تحمّلت
صنوفا وألوانا من الظلم لعقود، وأحيانا لقرون..
صنوفا وألوانا من الظلم لعقود، وأحيانا لقرون..
ولكن عند لحظة معيّنة يفيض
الكيل.. هذه هي لحظة "الشعور بالظلم"..
الكيل.. هذه هي لحظة "الشعور بالظلم"..
ولنأخذ مثالا: الشعب المصريّ..
يقول أحد المؤرخين
المعاصرين: إن الشعب المصريّ اشترى الأمن بالحرّيّة!
المعاصرين: إن الشعب المصريّ اشترى الأمن بالحرّيّة!
وليس أدلّ على ذلك من أنّه
قد منح فرعون كلّ السلطات.. لدرجة أن جعله ابنا للإله!.. فأيّ طاعة وأي تقديس!
قد منح فرعون كلّ السلطات.. لدرجة أن جعله ابنا للإله!.. فأيّ طاعة وأي تقديس!
هذا في مقابل أن يحمي
فرعون حدود البلاد، ويفضَّ النزاعات على الأرض والماء، ويقيم السدود والخزانات
لاتقاء مخاطر الفيضانات والجفاف..
فرعون حدود البلاد، ويفضَّ النزاعات على الأرض والماء، ويقيم السدود والخزانات
لاتقاء مخاطر الفيضانات والجفاف..
هذا الكلام سهل تعميمه على
معظم الحضارات الزراعيّة.. فهي تميل للاستقرار ـ لأنّ عمادها الأرض ـ والزراعة
تحتاج لصبر وعمل مضن عبر الشهور.. لهذا فلا غنى عن الأمن.. فهو أغلى هنا من
الحرّيّة!.. والأمن يحتاج للنظام.. والنظام تقيمه الطاعة التامّة (وهي تلتهم
مساحات شاسعة من الحرّيّة)!
معظم الحضارات الزراعيّة.. فهي تميل للاستقرار ـ لأنّ عمادها الأرض ـ والزراعة
تحتاج لصبر وعمل مضن عبر الشهور.. لهذا فلا غنى عن الأمن.. فهو أغلى هنا من
الحرّيّة!.. والأمن يحتاج للنظام.. والنظام تقيمه الطاعة التامّة (وهي تلتهم
مساحات شاسعة من الحرّيّة)!
بهذا يمكننا أن نفهم كيف سخّر
فرعون عمال مصر 20 عاما لبناء هرم يدفن فيه، دون أن يثوروا أو يعترضوا..
فرعون عمال مصر 20 عاما لبناء هرم يدفن فيه، دون أن يثوروا أو يعترضوا..
ببساطة: لأنّهم لم يشعروا
بالظلم الذي وقع عليهم... إنّ ابن الإله جدير بمقبرة تليق بجلاله، يطلّ منها على
الوادي ليحمي شعبه!
بالظلم الذي وقع عليهم... إنّ ابن الإله جدير بمقبرة تليق بجلاله، يطلّ منها على
الوادي ليحمي شعبه!
وبهذا يمكننا أن نفهم أيضا
كيف كانوا يلقون سنويّا ـ كقربان ـ في مياه النيل، فتاة يافعة (عروس النيل)!
كيف كانوا يلقون سنويّا ـ كقربان ـ في مياه النيل، فتاة يافعة (عروس النيل)!
إنّها تضحّي من أجل أن
ينعم الآخرون بالرخاء والرفاهية.. وتذهب لتلاقي إلهها الرحيم!
ينعم الآخرون بالرخاء والرفاهية.. وتذهب لتلاقي إلهها الرحيم!
فأيّ ظلم هذا الذي يمكن أن
تشعر به أو تعترض عليه؟
تشعر به أو تعترض عليه؟
هذه مقدّمة هامة يا أصدقائي..
لأنّ العلمانيين فهموا هذا
الأمر وطبّقوه بطريقة عكسيّة:
الأمر وطبّقوه بطريقة عكسيّة:
ماذا لو جعلناك نحن تشعر
بأنّك مظلوم، وبأنّك لست حرّا؟
بأنّك مظلوم، وبأنّك لست حرّا؟
بهذه الطريقة نجحوا في
التخلّص من سلطة الكنيسة (كانت ظالمة لا محالة.. ولكنّهم نجحوا في إشعار الناس
بذلك أخيرا)!
التخلّص من سلطة الكنيسة (كانت ظالمة لا محالة.. ولكنّهم نجحوا في إشعار الناس
بذلك أخيرا)!
ومن الملكيّة والإقطاع
(بعد أن عاش الناس في كنفهما طويلا)..
(بعد أن عاش الناس في كنفهما طويلا)..
وهكذا قلبوا كيان المجتمع
الأوروبيّ، ونشروا الحركات الشيوعيّة والاشتراكيّة والفوضويّة والثوريّة.. بل
والإلحادية!
الأوروبيّ، ونشروا الحركات الشيوعيّة والاشتراكيّة والفوضويّة والثوريّة.. بل
والإلحادية!
(تفهمون الآن لماذا قبلت
شعوبنا الساذجة ظلم النظم الاشتراكيّة وممارساتها الوحشيّة.. كانت الشعارات
الزائفة أقوى من أن يرفضها شعب عانى من ظلم الاحتلال وذلّه وهوانه!)
شعوبنا الساذجة ظلم النظم الاشتراكيّة وممارساتها الوحشيّة.. كانت الشعارات
الزائفة أقوى من أن يرفضها شعب عانى من ظلم الاحتلال وذلّه وهوانه!)
ثمّ لعبوا نفس اللعبة مع
المرأة.. ظلّوا يلحّون على أنّها مظلومة وفي منزلة متدنية من الرجل، وبأنّها هي
التي قبلت بامتهان نفسها والتفريط في حقوقها، وأخذوا يلوّحون لها بالحرّيّة
والتقدّميّة (والمهلبية.... إلى آخر هذه الشعارات!!)..
المرأة.. ظلّوا يلحّون على أنّها مظلومة وفي منزلة متدنية من الرجل، وبأنّها هي
التي قبلت بامتهان نفسها والتفريط في حقوقها، وأخذوا يلوّحون لها بالحرّيّة
والتقدّميّة (والمهلبية.... إلى آخر هذه الشعارات!!)..
وقد نجحوا إلى حدّ بعيد..
فنساؤنا الآن تشعر
بالظلم.. والأدهى أنّه لم يكن ظلما فعلا.. فشرع الله لا يظلم أحدا!!
بالظلم.. والأدهى أنّه لم يكن ظلما فعلا.. فشرع الله لا يظلم أحدا!!
وطبعا عندما يشعر الإنسان
بالظلم، فإنّه يفقد بالضرورة الشعور بالحرّيّة!
بالظلم، فإنّه يفقد بالضرورة الشعور بالحرّيّة!
وهذا هو ما يطالبن به
الآن.. ضدّ الدين.. وضدّ التاريخ.. وضدّ المجتمع.. وضدّ الفطرة.
الآن.. ضدّ الدين.. وضدّ التاريخ.. وضدّ المجتمع.. وضدّ الفطرة.
من هذه الزاوية أعود
لأؤكد:
لأؤكد:
عندما تشعر بالعدل، يتعاظم
إحساسك بالحرية، مهما كانت درجة صرامة النظام الذي يحتويك..
إحساسك بالحرية، مهما كانت درجة صرامة النظام الذي يحتويك..
لهذا يشعر الأوروبيّون
والأمريكيّون بالحرّيّة..
والأمريكيّون بالحرّيّة..
ليس لأنّهم يفعلون ما
يريدون (في الفوضى العارمة التي آلوا إليها).. فما زالوا مقيدين بقوانين صارمة،
مادية لا رحمة فيها!
يريدون (في الفوضى العارمة التي آلوا إليها).. فما زالوا مقيدين بقوانين صارمة،
مادية لا رحمة فيها!
ولكن لأنّهم يشعرون
بالعدل..
بالعدل..
بأنّ من حقّهم اختيار من
يمثلهم.. بأنّ هناك قوانين (ضد الحرّيّة والفوضى) تضمن حقوقهم..
يمثلهم.. بأنّ هناك قوانين (ضد الحرّيّة والفوضى) تضمن حقوقهم..
بأنّ دولهم قويّة لا يفرض
عليها أحد شيئا أو يهدّد أمنها..
عليها أحد شيئا أو يهدّد أمنها..
بأنّ لديهم فرص عمل
ورفاهية..
ورفاهية..
هم يشعرون بهذا العدل..
ويشعرون بهذه الحرّيّة..
ويشعرون بهذه الحرّيّة..
مع أنّهما زائفان!
فمعظم الأمر يرجع إلى غسيل
مخّ إعلاميّ وتعليميّ عصب أعينهم عن الحقيقة!
مخّ إعلاميّ وتعليميّ عصب أعينهم عن الحقيقة!
وديمقراطيتهم وهميّة.. فلا
أحد منهم يحقّق شيئا باختياره!.. لو اختار 51% مرشحا معينا، فهذا معناه أنّ 49% من
المجتمع لم يختر من يريده! (هذا هو الأمر الوحيد تقريبا الذي أتفق فيه مع القذافي
في كتابه الأخضر.. الأسود حاليّا!!!!)
أحد منهم يحقّق شيئا باختياره!.. لو اختار 51% مرشحا معينا، فهذا معناه أنّ 49% من
المجتمع لم يختر من يريده! (هذا هو الأمر الوحيد تقريبا الذي أتفق فيه مع القذافي
في كتابه الأخضر.. الأسود حاليّا!!!!)
ولكن كيف توصل إليهم هذه
المفاهيم في حصارهم الذهنيّ الصارم؟؟
المفاهيم في حصارهم الذهنيّ الصارم؟؟
وأحبّ أن أؤكد كلامي هنا
بأحداث 11 سبتمبر:
بأحداث 11 سبتمبر:
هذا مثال واضح يؤكد أنّ
أيّ شعب في العالم يفضّل الأمن على الحرّيّة:
أيّ شعب في العالم يفضّل الأمن على الحرّيّة:
أين الحرّيّة في القوانين
الظالمة التي فرضتها أمريكا على الحريات وعلى الأقليات والمسلمين بالذات؟
الظالمة التي فرضتها أمريكا على الحريات وعلى الأقليات والمسلمين بالذات؟
أين الحرّيّة في احتلال
دولتين لمجرد الاشتباه؟
دولتين لمجرد الاشتباه؟
ولكن من يبحث عن الحرّيّة
عندما يشعر بالخطر؟
عندما يشعر بالخطر؟
نفس الأمر في فرنسا:
أين هي الحرّيّة في محاولة
منع المسلمات عن ارتداء الحجاب؟
منع المسلمات عن ارتداء الحجاب؟
لماذا لم يدافع الشعب
الفرنسيّ عن هذه الحرّيّة؟.. ألم تقم العلمانيّة بنسف الدين أساسا بدعوى حماية
حقوق الأقليات؟
الفرنسيّ عن هذه الحرّيّة؟.. ألم تقم العلمانيّة بنسف الدين أساسا بدعوى حماية
حقوق الأقليات؟
ولكن لا.. يقال إنّ ربع
شباب فرنسا تحت سنّ الخامسة والعشرين مسلمون.. وواضح أنّ الإسلام هناك ينتشر بسرعة
كبيرة، يخشون معها أن تتحوّل فرنسا إلى دولة إسلاميّة!
شباب فرنسا تحت سنّ الخامسة والعشرين مسلمون.. وواضح أنّ الإسلام هناك ينتشر بسرعة
كبيرة، يخشون معها أن تتحوّل فرنسا إلى دولة إسلاميّة!
وكلّ محجبة هي داعية
للإسلام بدون أن تنطق حرفا واحدا!
للإسلام بدون أن تنطق حرفا واحدا!
أيّ حرّيّة إذن في أمر
خطير كهذا؟
خطير كهذا؟
إذن:
كما أنّ الشعور بالظلّم ـ
لا الظلم ـ هو الذي يدفع الشعوب للثورات..
لا الظلم ـ هو الذي يدفع الشعوب للثورات..
فإنّ الشعور بالحرّيّة ـ
لا الحرّيّة ـ هو ما يجعلنا أحرارا!
لا الحرّيّة ـ هو ما يجعلنا أحرارا!
ولا يوجد أيّ شعور
بالحرّيّة في ظلّ الحروب والمجاعات والشعور بفقدان الهويّة والذلّ بين الأمم.
بالحرّيّة في ظلّ الحروب والمجاعات والشعور بفقدان الهويّة والذلّ بين الأمم.
العدل والأمن والعزة هي ما
نبحث عنه إذن..
نبحث عنه إذن..
ولو كان الغرب قد نعق
بأفكار الحرّيّة والمساواة لألف ألف عام في بلادنا عندما كانت قويّة عزيزة عادلة،
لما وجد أحدا يسمع له!
بأفكار الحرّيّة والمساواة لألف ألف عام في بلادنا عندما كانت قويّة عزيزة عادلة،
لما وجد أحدا يسمع له!
حتّى من العبيد أنفسهم!
أتوقف الآن.. وأعود.. بإذن
الله لأكمل هذا المنظور بالكلام عن الحاجات الأساسية للإنسان.
الله لأكمل هذا المنظور بالكلام عن الحاجات الأساسية للإنسان.
ويا أصدقائى وإخوتى فى الإنسانية
أستودعكم الله الذى لا تضيع الأمانات لديه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق